الملك محمد السادس قائدنا الأعلى و الله_الوطن_الملك شعارنا، والدفاع عن المصالح العليا للمملكة واجبنا.
المملكة المغربية : الثقافة المالية و الإقتصادية، رافعة هامة من أجل التنمية و الإزدهار .
مواقع المملكة المغربية
الرباط في 14 نوفمبر 2019م.
بقلم الدكتورة عزيزة الطيبي.
قبل تقديم هذا الموضوع المهم ، لا بد أن أذكر بالخطاب الملكي السامي لأمير المؤمنين، ملك المغرب محمد السادس نصره الله و أيده، بتاريخ 11 أكتوبر 2019، والذي قدم جلالته يومه، توجيهاته السامية للقطاع البنكي في المملكة، حيث دعا جلالته، إلى ضرورة مواكبة هذا القطاع الهام للمقاولين الشباب و حاملي المشاريع للمساهمة في دينامية التنمية، مؤكدا أن هذا القطاع "لا يزال يعطي أحياناً انطباعاً سلبياً لعدد من الفئات، وكأنه يبحث فقط عن الربح السريع و المضمون"، مضيفا "صعوبة ولوج المقاولين الشباب للقروض، و ضعف مواكبة الخريجين، و إنشاء المقاولات الصغرى و المتوسطة". و لتجاوز هذا الوضع، طلب الملك محمد السادس نصره الله و أيده من الحكومة و بنك المغرب، العمل على التنسيق مع المجموعة المهنية لبنوك المغرب، من أجل وضع برنامج خاص بدعم الخريجين الشباب، و تمويل المشاريع الصغرى للتشغيل الذاتي. و يُراد من هذا البرنامج تمكين أكبر عدد من الشباب المؤهلين من حاملي المشاريع من الحصول على قروض بنكية، لإطلاق مشاريعهم، و تقديم الدعم لهم لضمان أكبر نسبة من النجاح. كما يهدف البرنامج إلى دعم المقاولات الصغرى و المتوسطة العاملة في مجال التصدير، خاصة نحو إفريقيا، و الاستفادة من القيمة المضافة للاقتصاد الوطني.
في هذا الإطار، لابد لكل فئات المجتمع أن تهتم بهاتته التوجيهات لنجعل من التربية المالية مسؤولية مشتركة، يبدأ تلقين حروفها الأساسية داخل الأسرة ، و لتستمر خارج البيت بالتعليم داخل المؤسسات التعليمية على يد المعلمين و الأساتذة و المكونين ذوي الكفاءات، و بالممارسة في مقرات العمل أو المرافق البنكية و المالية و التجارية و غيرها.
يعتبر امتلاك المعرفة الاقتصادية و المالية من الأمور الهامة للغاية في حياة الفرد داخل المجتمع، حيث انها تساعد على فهم الأشياء المحيطة به بشكل صحيح وجيد، و تساعده على التصرف وفقًا للأهداف التي يسعى إليها و حسب الاحتياجات الخاصة به.
و تعتبر التربية المالية على وجه الخصوص ضرورية لتحقيق الإدماج المالي عبر إخبار و تكوين و تثقيف عامة الجماهير غير المطلعة على النظام المالي، كما أنها تساعد على حماية المستهلك لمختلف المنتوجات والخدمات المالية بغض النظر عن مستوى تعقيدها.
ومن بين أهداف التربية المالية الاستراتيجية نذكر تكوين الشباب على المواضيع المالية من أجل تشجيع اللجوء إلى الخدمات المالية واستعمال السلوكيات المسؤولة في المستقبل بخصوص كل القرارات، إدماج التربية المالية باعتبارها أحد مكونات برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي ينفذها الفاعلون من القطاعين العام والخاص، تنظيم حملات توعوية وتحسيسية لفائدة الساكنة من أجل تحسين معرفتها بالمنتوجات والمخاطر المالية، النهوض ببرامج التوعية والتربية المالية لفائدة المقاولات متناهية الصغر والمتوسطة، تشجيع التعاون في مجال التربية المالية من خلال وضع إطار للتعاون مع الجامعة و تطوير شراكات مع المؤسسات المعنية بالنهوض بالتربية المالية.
وللإشارة، يجب أن تستهدف برامج التربية المالية كل فئات المجتمع من أطفال وشباب كمجموعة ذات أولوية، والتي يجب تحسين معارفها الخاصة بالمجال المالي بغية تمكينهم من الأدوات اللازمة لاتخاذ القرارات في المستقبل.
كما أنها تهم فئة المواطنين الأكبر سنا ولا سيما الساكنة التي لا تلجأ للخدمات المالية ، حيث تتخذ الأسر المغربية يوميا قرارات تؤثر بشكل مباشر على جودة حياتها وحياة ذويهم. وفي هذا الإطار،
وبالطبع، لا يجب إغفال المقاولات المتوسطة والصغرى ومتناهية الصغر في إطار الاستراتيجية الوطنية للتربية المالية.
وتجدر الإشارة هنا، و من خلال الاعتماد على هاته الاستراتيجية الوطنية، على أهمية وضرورة وضع خارطة طريق مفصلة بحسب الفئات المستهدفة، والعمل عليها في أقرب الآجال مع كل المواطنين على برامج هادفة، مع مراعاة خصوصيات كل فئة على حدة.
كل هذا من أجل ضمان نجاعة البرامج والعمل على تنمية الادخار وتطوير ودعم الاستثمار المنتج والذي يساهم في خلق فرص للشغل والحد من تفشي البطالة.
فضلا عن ذلك، يجب العمل على تطوير مؤشرات للقياس على المستويين الكمي والنوعي من أجل رصد مدى نجاح خطة العمل المتعلقة بالتربية المالية واستعمال التكنولوجيات الحديثة الخاصة برقمنة الخدمات المالية على وجه التحديد.
طبعا عدد كبير من المواطنين يتساءلون عن أهمية التربية المالية وعن أهدافها بالنسبة للفرد والمجتمع؟
هنا يمكن أن نذكر على سبيل المثال التضخم، والأسعار والفائدة والائتمان ...إلخ. فهي مجموعة من المصطلحات التي غالبا ما لا يفهمها المواطن أو لا يستوعب أهميتها ولو سمع بها، علما أن لها مفاهيم اقتصادية أساسية في حياته كفرد من أفراد المجتمع، بل ويمكن أن تختلف أهميتها حسب الحاجة والهدف. لهذا نجد من يتكلم عن الأمية المالية التي تستطيع أت تضيع مستقبل بلد بأكمله إذا تعلق الأمر بمسؤولين يتخذون قرارات مصيرية بخصوص اقتصاد البلاد.
وتجدر الإشارة أن الأمية المالية لا تخص دولا دون أخرى، وإنما هي ظاهرة يمكن أن تخص الدول المتخلفة و المتقدمة كذلك.
فعلى سبيل المثال، وفي إطار استطلاع أجري على بنك فرنسا ، تبين ان 77 بالمائة من الفرنسيين المجيبين (من بين 2154 شخص) ، لديهم مستوى متوسط إلى منخفض من المعرفة في المسائل المالية والاقتصادية، بينما 17 بالمائة فقط لهم مستوى عال من المعرفة المتعلقة بالمسائل المالية. وهذه مؤشرات قويه ، لأنها تبين أن الظاهرة مقلقة ويجب العمل عليها من أجل تحسين المستوى المعرفي المتعلق بالمعلومات والمصطلحات المالية والتي تتعلق بتدبير الموارد. وتأتي قبل فرنسا في الترتيب الأوربي البرتغال وإيطاليا.
من هذا المنطلق، نذكر بأن غياب الثقافة الاقتصادية والمالية، يمكن أن يضيع على الدولة فرصا كثيرة وله عواقب مؤسفة تخص التنمية.
فعندما تجد التخلف يغلب على دولة ما، تأكد أنها تفتقر إلى الثقافة الاقتصادية والمالية، وتجد أن منافسيها يسيطرون بشكل جيد على الاقتصاد وعلى القرارات المتعلقة بالاتفاقيات المالية والتجارية، الأمر الذي قد يؤدي إلى تفويت كل الفرص المربحة بل وتحمل مخاطر مبالغ فيها بسبب أخطاء كان من الممكن تفاديها في ظل انتشار ثقافة مالية واقتصادية عالية المستوى لدى المواطنين والمستثمرين.
في هذا الإطار ، وحسب تحليلي الشخصي، لا بد أن ندرك أننا اليوم أصبحنا أمام إشكاليات كبيرة ومعقدة، يصعب حلها في ظل التناقضات التي يعيشها الاقتصاد العالمي، وفي غياب الجرأة اللازمة في اتخاذ بعض القرارات الإ استراتيجية من أجل أهداف مصيرية.
نحن نواجه اليوم مجموعة من المعادلات ذات متغيرات متعددة ومتناقضة، والتي يصعب إيجاد حل لها، إذ يتعلق الأمر في نفس الوقت بأسعار فائدة منخفضة، معدل تضخم مرتفع موازاة مع نظام ضريبي لا يشجع الادخار، معدل بطالة مرتفع وصعوبات في تحويل الادخار وتشغيل الأموال المدخرة في مشاريع مذرة للدخل ومنعشة للشغل.
هنا وأمام هاته الوضعية وهذا الحجب، يجب جمع الجهود واستعمال الذكاء الجماعي واستغلال كل الأفكار المفيدة لإيجاد الحلول المناسبة، بشرط ألا تبقى إشكالية التعليم والتربية المالية في وضع الاستعداد، بل يجب أن تكون من الأولويات لترى النور عبر وضع الوسائل والأجهزة والآليات الضرورية لتكون لدينا ثقافة مالية واقتصادية تساعد على اتخاذ قرارات مستنيرة ومدروسة.
صحيح أن هناك مبادرات تم القيام بها من خلال مثلا: وضع استراتيجية وطنية للتربية المالية، وإنشاء المؤسسة الوطنية للتربية المالية .. إلا أن الإشكال للأسف ليس في إنشاء البرامج أو المؤسسات أو الاستراتيجيات، ولكن في وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وهنا بيت القصيد.
طبعا، التربية المالية تعتبر رافعة هامة للاقتصاد الوطني، بل تدخل في صلب السياسات العمومية للبلاد. لكن ، كيف لهاته السياسات أن تنجح إذا كان المسؤولون يعانون من الأمية المالية والاقتصادية؟
و السلآم عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته.
مواقع المملكة المغربية
خديمة الأعتاب الشريفة
إمضاء : الدكتورة عزيزة الطيبي.
قام بإعادة نشر مقال الدكتورة عزيزة الطيبي الأستاذ يوسف الإدريسي علمي(نيابة عن الشريف مولاي عبد الله بوسكروي )، و الأستاذ محمد نواري و الأستاذ عزيز فطامي و الأستاذ أحمد فاضل و الأستاذ و الكاتب الصحفي محمد الزايدي و الأستاذ محمد أمين علوي و الأستاذ عبد العزيز الزكراوي و الشريف مولاي ابراهيم محنش و الأستاذ زهير شمالي و الأستاذ عبد العالي لبريكي و الأستاذ أحمد بقالي و الأستاذ مصطفى خطاب المغربي و الأستاذة فايزة الإدريسي علمي و الأخوات الفاضلات فوزية لوكيلي و الشريفة إكرام ياسين و فاطمة نصفي ونور الهدى و الماجيدي السعدية… و باقي الأخوات و الإخوة الكرام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
الملك محمد السادس قائدنا الأعلى و الله_الوطن_الملك شعارنا، والدفاع عن المصالح العليا للمملكة واجبنا.