الملك محمد السادس قائدنا الأعلى و الله_الوطن_الملك شعارنا، والدفاع عن المصالح العليا للمملكة واجبنا.
المملكة المغربية : دروس في الحياة يلقنها لنا المولى عز وجل عبر الزمن في كل وقت و حين، و لا من يستجيب و لا من يستوعب...فسبحان الله رب العرش العظيم.
مواقع المملكة المغربية
الرباط في 17 مارس 2020م.
بقلم الدكتورة عزيزة الطيبي.
هل كان من الضروري أن نتكبر و نتجبر و نظلم و نحقد و ننافق و نعيش المحنة اليوم، لنتنازل و نتواضع و نخاف من فيروس لا نراه حتى ؟ وا أسفاه على ضمير نام و لم يصح، و قلب مات و لم يرق، و روح ضاعت و إحساس أتلف، و يا أسفاه على أخلاق ضاعت بين تصرفات و معاملات طغى عليها الفساد بكل أنواعه، إلى أن أصبح كل شيء يسير بالمعكوس، حتى انقلبت الموازين و أصبح الشريف و الطيب و المؤمن و المتقي يهان و يحتقر و يظلم و العكس صحيح أيضا. كثيرا ما صمت الحق و تكلم الباطل، و سجن المظلوم و منحت الحرية للظالم ..... فبكت العيون و رفعت اصوات الضعيف إلى السماء متضرعة بالحق و العدل لينصف الإنسانية.
و عندما إشتدت العاصفة، و ضاعت التوازنات و القوانين بدأت النهاية بإعادة التوازن بين الأشياء و بين قوانينها، لكن لماذا اليوم و هكذا؟ طبعا إنها حكمة الخالق في خلقه و على الكون الذي يديره من حيث لا نعلم. كيف لا و الأوضاع أصبحت في أسوء حالاتها عبر العالم، كيف لا و الحياة أصبحت مستاءة للغاية و لا تطاق لذى الأطفال و الفقراء و الشرفاء و المتقين ؟
لا حق لأي كان أن يقول غير هاته الحقيقة التي طالما أشرنا إليها ولا من اتعظ و لا من اتقى و لا من تنازل .....
العالم اليوم و منذ سنين عديدة عاش و مازال يعيش في لحظات ظالمة، حياة مليئة بالشذوذ و المفارقات ، و الظلم و العبث ، حياة تم استغلال الأديان السماوية فيها أسوأ استغلال و تمادوا في ذلك دون أي إحساس بالمسؤولية تجاه خالقهم اولا ثم تجاه الضعيف و المحتاج و المسن و المريض ...
مفارقة مؤلمة نعيشها اليوم تجعلنا نفكر، نعم نفكر بدل الأف ملايين المرات و بعمق في تصرفاتنا مع أنفسنا أولا، مع الآخرين و مع المحيط و البيئة التي نعيش فيها.
من مرحلة وصل فيها تغير المناخ ، الناجم عن الكوارث البيئية ، إلى مستويات مثيرة للقلق ،نحن أمام حقيقة ليست مرة، بل مؤلمة ومؤسفة في نفس الوقت.
الصين الأولى ، ثم العديد من الدول الأخرى ، مجبرة على الحجب، مرحلة تاريخية سنتذكرها لو كتب لنا عمر طويل، نرى فيها أعظم الدول و أرقاها و أغناها، ينهار اقتصادها و تتلاشى مؤشراتها ، حياة و واقع ملوث بفيروس لا نراه حتى، و يا له من تناقض كبير لم يترك لنا مجالا للشك ان الإنسان ضعيف جدا.
هاته لحظة تاريخية ، يجب فيها إعادة النظر في اشياء كثيرة، تستدعي تنشيط بعض الإيديولوجيات و السياسات التمييزية في جميع أنحاء العالم ، مع التذكير من جهة بقوة الماضي لسنوات طويلة و عديدة، أي قبل أن يصل الفيروس ، و ضعف الحاضر من جهة اخرى في غضون ايام قليلة.
نحن في اختبار مهم و أمام درس فريد.
نعم، نحن في مجتمع كان قائما على الإنتاجية و الاستهلاك ، حيث نعمل جميعًا لمدة 14 ساعة و أكثر في اليوم ، بدون توقف و يوم السبت أو الأحد ، دون مزيد من فترات الراحة و هناك نسجل ظلم الإنسان و للانسانية، و فجأة جاء الفيروس ليتوقف الكل بغير رغبة و يبقى العالم حائرا أمام مصيره، مجبرا على الجلوس في منزله لأيام و أيام دون معرفة إلى متى؟
يا لها من مفارقة، بين عشية و ضحاها أصبحت المنازل مهمة جدا لتحمينا من فيروس بينما كان جل الناس يفرون منها الى المقاهي و الملاهي و الحفلات و السهرات، بل و يفضلون مجالسة أيا كان من .... بدل مجالسة الأبناء و الأمهات و الزوجات و كل افراد العائلة، بل أصبحت الاسرة و المجتمع في تفكك مستمر و ما ينتج عن ذلك من أزمات اجتماعية عامة ، أصبحنا في صراع مع الوقت و الزمن و الظروف و الاحتياجات و الرغبات ووووو بلهفة و دون أي تراجع . و أصبح الوقت الذي نقضيه مع انفسنا و مع أسرتنا لا قيمة له ، بل اصبح الجري و البحث عن المال و الربح هو الأفضل و بأية طريقة كانت.
ضاعت القيم و اتلفت الأخلاق و أصبح الإنسان ضعيفا أمام ملذات الحياة و بشراهة و دون اعتبار لأي كان ، حتى و لو للوالدين (وهنا كثيرا ما يمكن قوله).
يا أسفاه على زمن ضاع منا في غفلة و عاد الانسان لا يعرف حتى ماذا يفعل ؟
طبعا لأن التربية و الأخلاق و السلوك الاجتماعي الإنساني ضاع، و أصبح تعليم أطفالنا مفوض بقوة الظروف التي هي وليدة الانسان ، لمن لا تربية له و إلى أشخاص و مؤسسات مختلفة لا علاقة لها بالتربية و التعليم و المواطنة، و ها نحن اليوم نغلق المدارس و أبواب كل المؤسسات ليعود التلميذ الى البيت مجبرا على الجلوس في المنزل و تلقي التربية و التعليم تحت مراقبة الولدين، اليست هذه حكمة؟ بلا إنها حكمة و درس للوالدين أيضا. نعم، للوالدين الذين تنازلوا عن حقهم و عن واحباتهم ايضا في تربية أبنائهم في جو مناسب و ملائم. هنا يجب أن نقف كآباء لنجد حلولا بديلة للنموذج التربوي الفاشل الذي نحن عليه اليوم، و العمل على الرجوع الى جو العائلة من جديد، و ليتحمل كل واحد مسؤوليته داخل او خارج البيت، يجبرنا على بدء عائلة جديدة متوازنة.
نعم وللأسف ، بدأ اليوم هذا الفيروس يأخذ مساحات مهمة من حياة الانسان، و هي حقيقة مخيفة : لا نستطيع أن نلمس أحدا ، لا تقبيل ، لا مصافحة ، في البرد من عدم لا تواصل إلا عن بعد ....
منذ متى اتخذنا هذه التصرفات و هاته الاحتياطات و هذا الإحترام كأسلوب في حياتنا؟ منذ زمن !!!
و من ناحية أخرى، و للأسف الشديد، اصبح المناخ الاجتماعي يسوده التفكير في نفسك هو القاعدة، و هنا يرسل لنا هذا الفيروس رسالة واضحة: الطريقة الوحيدة للخروج منه هي المعاملة بالمثل ، و الشعور بالانتماء ، و التفكير في المجتمع ، و الشعور بجزء من الجماعة و من شيء أكبر يحتاج إلى رعاية و يمكن أن يهتم بنا.
نحن اليوم أمام المسؤولية المشتركة ، الشعور بأن أفعالنا لا تعتمد فقط على مصيرنا ، و لكن على مصير الآخرين ، و على جميع من حولنا. و أننا نعتمد عليهم و يعتمدون علينا.
لذا ، إذا أوقفنا مطاردة الفراغ و العبث الذي اصبحنا نعيش في وسطه و لن أشرح هذا العبث لانه شامل ، و سألنا ما هو الخطأ الذي ارتكب و لماذا حدث كل شيء هكذا و اليوم ، فلن نغير شيئا إذا لم نسأل أنفسنا عن أين نحن من هذا كله، و إذا لم نتحمل المسؤولية جميعا ، لأننا كلنا مخطؤون و إلا لما عمت المصيبة. و بدلاً من السؤال عما يمكننا أن نتعلمه ، أعتقد أن لدينا جميعًا الكثير للتفكير و التصرف بناءً عليه.
فمن الواضح أن لدينا دينًا على عاتقنا هي أننا فرطنا في مبادئنا و أخلاقنا و حبنا للآخرين و كأنهم نحن و لا فرق بيننا، و فرطنا في حبنا للوطن الغالي الذي يحمينا.
اليوم، الكل يريد المساعدة و التضامن لكن للأسف الشديد لن يفيد في علاج الأمراض و لا في القضاء على الفيروس، لأن الفيروس المدمر أصبح معنا في كل مكان، يلازمنا في حياتنا اليومية، في حديثنا و في حياتنا القادمة. نعم، هذا الفيروس سيكون له وقع كبير و خطير جدا اذا رجعنا الى قواعدنا الخاطئة.
اليوم نحن في قفص واحد و علينا أن نستوعب الدرس و نكون يدا و عقلا واحدا، اليوم و غدا و إلى الأبد.
أرجو من الله تعالى أن تكون لنا فرصة أخرى جديدة لنتعض و نحارب هذا الفيروس بتطهير أنفسنا ليس فقط لنعيش و لكن لنكون شعبا واحدا ملتفا حول الخير، بقوة و إيمان و قناعة و صبر.
اللهم إحفظنا و إحفظ بلادنا من الأوبئة و الأمراض و الفيروسات، و إحفظ اللهم ملك البلاد محمد السادس نصره الله و أيده، و إرزقه اللهم الصحة و العافية و طول العمر.
""إنما الأمم الأخلاق ما بقيت* فإن هم دهبت أخلاقهم دهبوا"" .
و السلآم عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته.
مواقع المملكة المغربية
إمضاء :
خديمة الأعتاب الشريفة
الدكتورة عزيزة الطيبي.
قام بإعادة نشر مقال الدكتورة عزيزة الطيبي، ( الأستاذ محمد أمين علوي، نيابة عن الشريف مولاي عبد الله بوسكروي )،و محمد نواري و الأستاذ عزيز فطامي و الأستاذ أحمد فاضل و الأستاذ و الكاتب الصحفي محمد الزايدي و الأستاذ يوسف الإدريسي علمي و الأستاذ عبد العزيز الزكراوي و الشريف مولاي ابراهيم محنش و الأستاذ زهير شمالي و الأستاذ عبد العالي لبريكي و الأستاذ أحمد بقالي و الأستاذ مصطفى خطاب المغربي و الأستاذة فايزة الإدريسي علمي و الأخوات الفاضلات فوزية لوكيلي و الشريفة إكرام ياسين و فاطمة نصفي ونور الهدى و الماجيدي السعدية… و باقي الأخوات و الإخوة الكرام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
الملك محمد السادس قائدنا الأعلى و الله_الوطن_الملك شعارنا، والدفاع عن المصالح العليا للمملكة واجبنا.