الملك محمد السادس قائدنا الأعلى و الله_الوطن_الملك شعارنا، والدفاع عن المصالح العليا للمملكة واجبنا.
المملكة المغربية : سياسة التشغيل في قلب النموذج التنموي المغربي الجديد...مقترحات و حلول .
مواقع المملكة المغربية
الرباط في 03 ديسمبر 2019م.
بقلم الدكتورة عزيزة الطيبي.
أكد أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله على ضرورة وضع شباب و نساء المملكة المغربية في قلب النموذج التنموي المغربي الجديد،
و أعلن جلالة الملك محمد السادس حفظه الله و رعاه، مرارًا و تكرارًا في خطبه السامية و في رسائله الهامة، الموجهة إلى الحكومة و المسؤولين، مجموعة من التوصيات و الخطط المتعلقة بتشغيل الشباب و النهوض بالمرأة. و في هذا الصدد و بكل شرف و إعتزاز أذكر بمقتطف من الخطاب الملكي السامي الذي ألقاه جلالته حفظه الله، في 20 أغسطس 2018، بمناسبة ثورة الملك و الشعب، و التي كان مخصصا تقريبًا بالكامل للشباب. لقد كان خطابا هاما استطاع أن يبعث الأمل و السرور لذي المواطنين و خاصة الشباب منهم، و الذي كان يجب على الحكومة أن تضعه في المقام الأول لتجد الحلول المناسبة على ضوء التوصيات التي رسمها جلالة الملك أيده الله و رعاه.
"شعبي العزيز،
" لقد سبق أن أكدت، في خطاب إفتتاح البرلمان، على ضرورة وضع قضايا الشباب في صلب النموذج التنموي الجديد، و دعوت لإعداد استراتيجية مندمجة للشباب، و التفكير في أنجع السبل للنهوض بأحواله".
فلا يمكن أن نطلب من شاب القيام بدوره و بواجبه دون تمكينه من الفرص و المؤهلات اللازمة لذلك. علينا أن نقدم له أشياء ملموسة في التعليم و الشغل و الصحة و غير ذلك. و لكن قبل كل شيء، يجب أن نفتح أمامه باب الثقة و الأمل في المستقبل …
" فتمكين الشباب من الانخراط في الحياة الإجتماعية و المهنية ليس إمتيازا لأن من حق أي مواطن، كيفما كان الوسط الذي ينتمي إليه، أن يحظى بنفس الفرص و الحظوظ من تعليم جيد و شغل كريم.
"غير أن ما يحز في نفسي أن نسبة البطالة في أوساط الشباب، تبقى مرتفعة. فمن غير المعقول أن تمس البطالة شابا من بين أربعة، رغم مستوى النمو الإقتصادي الذي يحققه المغرب على العموم. و الأرقام أكثر قساوة في المجال الحضري.
"و رغم المجهودات المبذولة، و الأوراش الإقتصادية، و البرامج الإجتماعية المفتوحة، فإن النتائج المحققة، تبقى دون طموحنا في هذا المجال. و هو ما يدفعنا، في سياق نفس الروح و التوجه، الذي حددناه في خطاب العرش، إلى إثارة الانتباه مجددا، و بكل إستعجال، إلى إشكالية تشغيل الشباب، لاسيما في علاقتها بمنظومة التربية و التكوين.
"إذ لا يمكن أن نقبل لنظامنا التعليمي أن يستمر في تخريج أفواج من العاطلين، خاصة في بعض الشعب الجامعية، التي يعرف الجميع أن حاملي الشهادات في تخصصاتها يجدون صعوبة قصوى في الإندماج في سوق الشغل. و هو هدر صارخ للموارد العمومية، و لطاقات الشباب، مما يعرقل مسيرات التنمية، و يؤثر في ظروف عيش العديد من المغاربة.
لهذا الغرض، و إعتبارا لما جاء في الخطاب السامي، و في ظل غياب إجراءات ملموسة، أصبح من الضروري طرح السؤال التالي : ما الذي تفعله الحكومة بخصوص بطالة الشباب ، اين هي إستراتيجية تشغيل الشباب و النهوض بالمرأة المغربية اليوم و غدا ً؟
المغرب يستحق ان يحظى بمقاربة جديدة لسياسة التشغيل، تتماشى مع متطلبات الشباب و ذلك إستجابة للتعليمات الملكية و الهادفة إلى وضع نموذج جديد بإمكانه توظيف الشباب و التغلب على عوائق سوق الشغل.
إن المغرب مدعو اليوم إلى وضع سياسة تشغيل حقيقية قائمة على معالجة الوضعية الحالية، سياسة نشيطة و ديناميكية و تتكيف مع جميع التطورات الحالية و المستقبلية للبلاد، و تكون قادرة على حل مشكلة البطالة بشكل شامل ومستمر.
يجب أن يكون للمغرب سياسة منبثقة من الإحتياجات الواقعية و الموضوعية، و المحددة على أساس التجربة اليومية لجميع السكان في مختلف الجهات، و التي تهم جميع الفاعلين الاقتصاديين حول نفس الرؤية.
بالطبع، فإن المغرب ملزم بوضع سياسة تشغيل قادرة على وضع التوصيات الملكية في الإطار الصحيح لهل، باعتماد نهج عالمي و في إرتباط تام مع جميع المجالات الإقتصادية و المالية و الميزانية و المؤسساتية.
للأسف يعاني المجتمع المغربي من عجز في فرص الشغل و الذي تفاقم بسبب الإفتقار إلى الرؤية و النهج الإستراتيجي الصحيح و الناجع، لذا يجب أن يكون الهدف من السياسة الجديدة هو تدارك أخطار البطالة المتراكمة على أساس إستراتيجية تقوم على نهج تشاركي و مسؤول للقطاعين، من أجل خلق و ظائف جديدة تتماشى مع إحتياجات السوق، و دعم الشباب الجديد العاطل عن العمل ،مع تغطية كل جهات المملكة.
اليوم أصبح متجاوزا التحدث عن نوعية الشغل، بل أكثر من ذلك، يجب أن نعمل بمبدأ أن كل الوظائف مهمة و تستحق أن تحظى بالإحترام طالما تساهم في تنمية البلاد و نموها و إستقرارها.
فكما نعلم جميعا، أعلن جلالة الملك محمد السادس نصره الله و أيده قراره الخاص بتعيين السيد شكيب بن موسى رئيسا للجنة المسؤولية عن النموذج التنموي الجديد.
هنا يتعلق الأمر بوضع الاستراتيجية الوطنية الجديدة للتشغيل كما هو متوقع، و وضع خطة عمل هدفها التحسين المستمر لسياسة التشغيل و إدماج كل الشباب العاطل.
الهدف طبعا هو وضع نموذج تنموي يكون فيه للشباب دورأكبر مما كان عليه من قبل، و ذلك لمواكبة مسيرة التنمية، و التي أعطى جلالة الملك محمد السادس إنطلاقتها منذ توليه عرش أسلافه المنعمين. فمن خلال تشجيع تشغيل الشباب، يجب أن يكون للتوجهات الرئيسية للتنمية الهدف الاستراتيجي الذي هو تكوين الثروة البشرية وتطويرها وتوظيف الشباب من أجل دعم جميع قطاعات النشاط وخاصة التعليم والصحة والزراعة والصناعة والاستثمار والنظام الضريبي ...إلخ وهنا ، تنتظر عبقرية جميع المشاركين بفارغ الصبر للتغلب على جميع التحديات.
في هذا الإطار كيف يمكن مواكبة الشباب للحصول على فرص الشغل؟
فعلى الرغم من كل المبادرات والمجهودات، لا يمكن أبدًا حل مشكلة البطالة في غياب استراتيجية وطنية تغطي جميع الشباب وكل قطاعات.
في الواقع، يجب أن تكون سياسة التشغيل في قلب نموذج التنمية، لأن مفتاح التشغيل هو النجاح الاقتصادي، ويجب أن يكون الهدف من أي سياسة اقتصادية هو دمج أكبر عدد من الناس ويكون منتج للثروة.
لهذا، لا ينبغي إبعاد أي فاعل اقتصادي عن مشروع تنمية البلاد ، بل يجب على جميع الجهات الاقتصادية الفاعلة دعم مشروع التكامل الاقتصادي للشباب في المغرب.
ويجب أن يكون الشباب قادرا على الوصول إلى الفرص الاقتصادية في المناطق التي يعيشون فيها وذلك من خلال الاستفادة من القروض والدعم، وهذا سيمكن من تنمية مهارات الشباب وإدماجهم المهني في ظروف أفضل.
لذلك من الضروري العمل على تعزيز قابلية توظيف الشباب من خلال وضع الآليات اللازمة في جميع مناطق المغرب وتطوير نظام بيئي ريادي قادر على دعم خلق فرص للشباب، في المناطق ذات القيمة المضافة العالية وإمكانات التشغيل العالية.
وتعد عملية إنشاء شبكة إقليمية من مراكز دعم ريادة الأعمال والتنمية الاقتصادية من خلال برامج دعم محددة للمقاولات الصغيرة ، والشركات المتوسطة والتعاونيات المتكاملة أمر مرغوب فيه للغاية وتعزيز قدرات المؤسسات وتيسير تنفيذها لبرامج إدماج الشباب.
فكما نعرف، السيطرة على البطالة تعني أيضًا معرفة احتياجات سوق الشغل وتهييء الكفاءات والخبرات المطلوبة لها، إذ يتفق جميع الاقتصاديين على أن نموذج التطوير الناجح هو النموذج الذي يوظف الكفاءات والخبرات المناسبة والتي يتم تقييمها واختيارها على أساس التكوين الأكاديمي الأساسي، والمهارات التقنية والإدارية المكتسبة، والمؤهلات المهنية.
طبعا كل هذا لا يكفي في حالة عدم وجود جهاز لقياس ومراقبة وتقييم الأداء والقيمة المضافة و المطلوبة على جميع المستويات، لا سيما وأن سياسة التشغيل في المغرب تعاني من العديد من نقط الضعف بما في ذلك عدم وجود نظام صارم للرصد والتقييم لبرامج التدريب في المدارس ومؤسسات التدريب / التدريس ، والأداء داخل المؤسسات.
ومن هنا نشير إلى المشاكل المتعلقة بريادة الأعمال وكذلك عملية إدماج الشباب.
في الواقع ، يمكن لريادة الأعمال أن تساهم بشكل كبير في النمو إذا كان التركيز على كل القطاعات و المشاريع التي تقوم على الابتكار في إطار ديناميكي يقوم على التنمية وخلق فرص الشغل.
لهذا يجب أن نطرح السؤال، هل يمكننا جميعًا أن نكون رجال أعمال؟
في ظل الظرفية الصعبة، وفي ظل التنافسية الشرسة على نطاق عالمي، أعتقد أن رواد الأعمال والمستثمرون هم أبطال الديناميكية الرأسمالية وخاصة عندما يستطيعون الاستثمار في الابتكار، وإيجاد حلول لمواجهة التنافسية الصعبة ، وعندما ينجحون في إنتاج منتوجات جديدة ، وإنشاء منتجات متطورة ووضعها في الأسواق ، لاستخدام أو لتصنيع مواد جديدة وأشكال جديدة....
اليوم، لا يمكننا التحدث عن التنمية في غياب الابتكار والإبداع.
وفي هذا السياق، ما الذي يمكن فعله لمواجهة تحديات النمو الاقتصادي وإيجاد العمل اللائق والادماج؟
بالنظر إلى الضغط الديموغرافي القوي الخاص بسوق العمل المغربي، وفي غياب سياسة استراتيجية للتشغيل ناجحة، سيستمر عدد كبير من الشباب في الانضمام إلى سوق الشغل في السنوات العشر المقبلة، مع ارتفاع معدل البطالة بين الشباب ، مما يجعل معدل السكان ينمو بوثيرة أقل من معدل السكان النشطين ، مما يؤدي إلى تفاقم الوضع الحالي للبطالة..
فالمغرب يواجه اليوم انفجارًا من حيث السكان، ولهذا فإن السياسات التي تم وضعها حتى الآن تبقى ضرورية ولكنها غير كافية لوقف البطالة والعمل غير المستقر.
ميثاق المغرب الناجح ووضع سياسة جديدة شاملة ومستدامة للتنمية :
في هذا الإطار، هناك حاجة ماسة لتغيير النموذج والنهج القائمة عليه منظومة التشغيل، وإدراج سياسة التشغيل في إطار مسؤولية اجتماعية تشمل جميع القطاعات الوزارية، والهيئات المنتخبة للأمة على المستويات المحلية والإقليمية والوطنية، والشركاء الاجتماعيين للقطاع الخاص، والمجتمع المدني في ظل رؤية عالمية متماسكة وشاملة للتنمية مع تحديد الأولويات وتحسين إدارة الموارد ونهج قائم على النتائج.
كما ينبغي أن تستند سياسات التنمية إلى الحوار الاجتماعي، والذي يعد أحد أكثر الأدوات الفعالة لضمان التنمية الاقتصادية والاجتماعية من قبل الجهات الفاعلة الاقتصادية والاجتماعية نفسها.
و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته.
مواقع المملكة المغربية
خديمة الأعتاب الشريفة
إمضاء : الدكتورة عزيزة الطيبي.
قام بإعادة نشر مقال الدكتورة عزيزة الطيبي الأستاذ يوسف الإدريسي علمي( نيابة عن الشريف مولاي عبد الله بوسكروي ) و الأستاذ محمد نواري و الأستاذ عزيز فطامي و الأستاذ أحمد فاضل و الأستاذ و الكاتب الصحفي محمد الزايدي و الأستاذ محمد أمين علوي و الأستاذ عبد العزيز الزكراوي و الشريف مولاي ابراهيم محنش و الأستاذ زهير شمالي و الأستاذ عبد العالي لبريكي و الأستاذ أحمد بقالي و الأستاذ مصطفى خطاب المغربي و الأستاذة فايزة الإدريسي علمي و الأخوات الفاضلات فوزية لوكيلي و الشريفة إكرام ياسين و فاطمة نصفي ونور الهدى و الماجيدي السعدية… و باقي الأخوات و الإخوة الكرام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
الملك محمد السادس قائدنا الأعلى و الله_الوطن_الملك شعارنا، والدفاع عن المصالح العليا للمملكة واجبنا.