الملك محمد السادس قائدنا الأعلى و الله_الوطن_الملك شعارنا، والدفاع عن المصالح العليا للمملكة واجبنا.
المملكة المغربية: الكفاءات هي الحلقة المفقودة في النموذج التنموي، و الإدخار رافعة أساسية للإدماج المالي من أجل التنمية.
مواقع المملكة المغربية
الرباط في 18 شتنبر 2019م.
بقلم الدكتورة عزيزة الطيبي.
صدق جلالة الملك محمد السادس نصره الله و أيده،في خطاباته الأخيرة، عندما أشار أكثر من مرة إلى ضعف الكفاءات كحلقة مهمة لإنجاح النموذج التنموي و خاصة إذا توفرت الظروف و الآليات و الوسائل، و حث الحكومة في شخص رئيسها سعد الدين العثماني، على وضع الكفاءة المناسبة في المكان المناسب في أقرب الآجال.
فعندما تفوق الديون الخارجية المائة (106) مليار دولار، وتقترب أو تعادل مستوى الناتج المحلي الإجمالي، فهذا يعني أن مؤشر ديون المغرب تجاوز الحد المقبول وأصبح من الخطر التغاضي والسكوت عن هاته الحقيقة ومحاولة تفسيرها بأسباب وتبريرات بعيدة كل البعد عن المنطق والتي لا يقبلها العقل.
اليوم لا داعي لاستمرار في توجيه الأسئلة أو أي طلب التفسيرات من الحكومة ، لأنها بكل وضوح لا تتوفر لا على أجوبة علمية مقنعة، ولا على الحلول ولا حتى على الاقتراحات التي تستحق المناقشة للخروج من المأزق الذي وضع فيه اقتصاد المملكة، الحكومة أغلب أعضائها أميون في المجالات التي أسندت لهم ولم يستطيعوا لمدة تفوق ثمان سنوات أن يساهموا في تحقيق التنمية ولا يعرفون كيف يجب أن يستغلوا للقيام بأبسط المهام التي أسندت إليهم والتي تهم شؤون الدولة. وما تفشي الفقر والجهل والمرض والجريمة إلا دليلا واضحا على فشلهم.
للأسف، كل المواطنين يشهدون أن أغلب المسؤولين في الحكومة والإدارات منهمكون في مواضيع ومشاريع لا علاقة لها بتحقيق التنمية المنتظرة لمغرب العهد الجديد، وهذا كاف لنتركهم في نعيم الحياة التي لا تحرك ضميرهم والشعب المغربي ينتظر التنمية المستحيلة بوجودهم.
اقتصاد معرقل بسبب استمرار المؤشرات الضعيف والناتجة عن الأداء الحكومي الهزيل:
مؤشرات عديدة تؤكد أنه على الرغم من ارتفاع مستوى الاستثمار، فالتنمية ما زالت بعيدة المنال، لأن معدل النمو ما زال ضعيفا جدا يتمحور حول 3 بالمائة والتشغيل يرتفع بشكل مستمر وقد تجاوز الرقمين، وهنا يجب الوقوف عند هاتين النقطة لأنها عائقا كبيرا أمام تخطي الأزمة التي أدخلت اقتصاد المملكة في مسلسل المديونية الخارجية والداخلية، دون تحقيق أهدافها الأساسية. والخطير في الأمر أن الوضع لن يتغير طالما تمشي السياسات العمومية حسب تخطيط مجموعة من السياسيين الفاقدين للكفاءات والذين ليست لهام القدرة ولا العزيمة من أجل رفع التحديات الموضوعية والواقعية لتحقيق التنمية والازدهار لبلادنا.
تساؤلات نقولها ونعيدها لعلها تحرك ولو ضميرا واحدا: كيف يمكن تحقيق التنمية الاقتصادية للبلاد والقدرة الشرائية للمواطنين ضعيفة وفي تراجع مستمر، بسبب ارتفاع الأسعار، وغياب الحماية الاجتماعية من تعليم وتأمين على المرض وسكن وشغل ...
كيف يمكن تحقيق التنمية والقيمة المضافة للقطاعات الاقتصادية ضعيفة؟ وعلى سبيل المثال لا الحصر، فالكل يعرف أن القطاع الفلاحي استفاد ومازال يستفيد بشكل كبير من الدعم المادي ومن الامتيازات الضريبية دون تحقيق النتائج المنتظرة والمتعلقة بتشغيل الشباب وبتحقيق المردودية والمساهمة في نمو الداخل الإجمالي الخام وفي دعم القطاعات الأخرى المرتبطة به؟
كيف يمكن الوصول إلى التنمية في ظل النمو السلبي للمبادلات الخارجية الضعيف جدا بل والسلبي أحيانا؟
كيف يمكن تحقيق التنمية في ظل نظام ضريبي ما زال لم يضع له المسؤولون التصميم القائم على الحكامة الضريبية، هذا النظام الضريبي أعتبره شخصيا غير ملائم غير محكم، بل يشكل عائقا خطيرا لأنه لا يلزم المواطنين على تحمل المسؤولية بشكل ديموقراطي بين كل الفاعلين الاقتصاديين، ولبعده أيضا عن الشروط الضرورية لإدماج القطاع الغير منظم.
كيف للتنمية ان تتحقق والاقتصاد المغربي لا يتمتع بالمناعة الكافية لمواجهة المنافسة الخارجية، بسبب غياب خطة عمل ناجعة، الشيء الذي جعل العجز للميزان التجاري عجزا عميقا يصعب معالجته في ظرفية داخلية صعبة.
كيف يمكن تقويم السياسات العمومية في ظل المعارضة السياسة الضعيفة وغياب التوصيات الخاصة للسياسات العمومية المعتمدة من طرف الحكومة والقائمة على نموذج تنموي فاقد لشروط النجاح.
فلسياسات المستندة إلى المديونية والمفروضة من جانب مؤسسات مالية دولية كانت كارثية، نتج منها ثراء لأقلية وارتفاع في الفوارق الاجتماعية والمجالية وضعف الدخل الفردي السنوي لغالبية الشرائح العمالية والشعبية. هاته الديون المفرطة لن تتوقف لأنها أصبحت بنيوية بسبب ضعف الموارد وارتفاع النفقات بشكل مستمر.
فكثيرا ما يحدثنا بعض المفكرين الاقتصاديين عن الحلول "السطحية" أو الثانوية تكون فاقدة لخطة عمل مضبوطة في إطار البرامج التنموية التي يجب العمل عليها بشكل واضح لتخطي الأزمة الاجتماعية والاقتصادية والمالية، وخير مثال خصخصة المؤسسات العمومية التي تعاني من النقص في التمويل الذاتي، والدعوة أيضا إلى إعادة هيكلية بعض القطاعات الحيوية والمؤسسات العمومية والإدارات ... الخ. وللتذكير فالخصخصة كانت لها أهمية كبيرة وكادت تكون فرصة للنهوض بالاستثمار الوطني لولا سوء التدبير.
صحيح أنها آراء وأفكار مهمة لكن يبقى الصعب فيها هو تنفيذها بشكل ناجع، مع تحقيق النتائج والأهداف المتوخاة منها، وخاصة عندما نلاحظ تفاقم مديونية الخزينة الذي يعتبر مؤشرا هاما لما له من دلالة على فشل الأهداف التي رسمتها الحكومة بخصوص تقليص نسبة المديونية من الناتج الداخلي الخام في أفق 2021، وهو الأمر الذي يصعب بلوغه في ظل ضعف السياسات العمومية والمنهجية لتحقيق التنمية.
والخطير في الأمر أن الديون العمومية ليست مجرد قروض يجب على الدولة استردادها ولكن لأنها أدخلت اقتصاد الدولة في نظام التبعية وإخضاعه إلى توصيات خارجية بعيدة عن استقلالية القرار الاقتصادي والمالي، ولا تراعي بالضرورة لمصلحة الدولة بخصوص مجموعة من القرارات المتعلقة بالسياسات العمومية.
أرقام مخيفة تلك التي وصلت اليها مديونية الدولة خلال السنوات الأخيرة (900 مليار درهم)، والتي جعلت من التدبير الاقتصادي والمالي بالمغرب اليوم، أمرا صعبا، مع أنه في الحقيقة ليس كذلك، لولا ضعف تسيير الحكومة والمسؤولين، ولولا إخفاق الحكومة في تدبير الاستراتيجيات التي تم تصميمها في إطار رؤيي مستقبلية في العديد من المحطات.
اليوم، ليس لدينا أي خيار أمام الوضع الكارثي الذي وضعت الدولة أمامه، غير ضرورة تحقيق التنمية والنهوض بالاقتصاد الوطني لضمان تسديد الديون، إنها اليوم أولوية الأوليات وإلا ستكون الأزمة الاجتماعية.
السؤال الذي يجب طرحه اليوم: هل تغيير النموذج التنموي الحالي، لعدم قدرته على خلق التنمية والتقليص من الفوارق الاجتماعية، هو الحل؟
النموذج المغربي تنقصه بعض الإصلاحات وكذلك الكفاءات التي نشتغل عليه.
المغرب تنقصه أشياء كثيرة سوف ألخصها في مجموعة من النقط التي تخص الفكر الصحيح للتنمية بمفهومها العلمي، والاشتغال على أساس الواقع الداخلي للبلاد مع العمل بشكل منفتح على الخارج في إطار مرسوم خاص بتحقيق التنمية الأكثر توازنا، ورفع التناقضات بين الاقتصاد غير المتطور وطلب الناس المتزايد على ثقافة الاستهلاك والاغتناء، وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية وخفض الضغط الكبير الناجم عن السكان والموارد والبيئة.
تحقيق التنمية يجب أن يبنى بالاعتماد على موارد البلاد أولا، ليتحمل كل مسؤوليته تجاه الشعب وتجاه الدول الأخرى إذا اقتضى الأمر، وذلك لضمان طريق التنمية السلمية بعيدا عن الديون المتراكمة والتي تقلل من شأن البلاد أمام الدول من خلال فرض قرارات متناقضة وأهداف المخططات التنموية للبلاد.
يجب على الدولة أن تعيد بناء الاقتصاد بالإصلاح والإبداع على يد الكفاءات والخبرات العلمية، والتي لها من التجربة والتكوين العلمي ما يميزها ويجعلها تضمن استمرارية نجاح السياسات، وتساهم في توفير الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المستقرة.
المغرب اليوم بحاجة لمن يقود التعديل الاستراتيجي للهياكل الاقتصادية وتغيير نمط النمو، و تطوير السوق المحلي وزيادة الطلب الداخلي والخارجي عن طريق تطوير المنتوجات المغربية وجعلها أكثر تنافسية، والعمل على تحقيق التقدم العلمي والتكنولوجي وتقوية القدرة على الإبداع الذاتي و تنمية الموارد البشرية بقوة، إصلاح المجتمع ومواكبة المواطنين في تطوير تربيتهم المالية ليساهموا في إنعاش الادخار ودعم الاستثمار وتحقيق التنمية المستدامة.
وما توفيقنا إلا بإذن المولى عز وجل.
" إن تنصروا الله ينصركم و يتبث أقدامكم " صدق الله العظيم.
و السلآم عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته.
مواقع المملكة المغربية
خديمة الأعتاب الشريفة
إمضاء : الدكتورة عزيزة الطيبي.
قام بإعادة نشر مقال الدكتورة عزيزة الطيبي الأستاذ يوسف الإدريسي علمي( نيابة عن الشريف مولاي عبد الله بوسكروي ) و الأستاذ محمد نواري و الأستاذ عزيز فطامي و الأستاذ أحمد فاضل و الأستاذ و الكاتب الصحفي محمد الزايدي و الأستاذ محمد أمين علوي و الأستاذ عبد العزيز الزكراوي و الشريف مولاي ابراهيم محنش و الأستاذ زهير شمالي و الأستاذ عبد العالي لبريكي و الأستاذ أحمد بقالي و الأستاذ مصطفى خطاب المغربي و الأستاذة فايزة الإدريسي علمي و الأخوات الفاضلات فوزية لوكيلي و الشريفة إكرام ياسين و فاطمة نصفي ونور الهدى و الماجيدي السعدية… و باقي الأخوات و الإخوة الكرام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
الملك محمد السادس قائدنا الأعلى و الله_الوطن_الملك شعارنا، والدفاع عن المصالح العليا للمملكة واجبنا.